الأحد، 3 يونيو 2012

كن لنفسك عاشقا:



من قوالب الحياة تتدفق اليوميات لتكون تلك العصارة التي تختزل في أعماقنا ويتنفس بها فكرنا،قد
ترضينا وتسعدنا ولكنها في كثير من الأحيان قد تزعجنا  فلاتعدوا عن كونها مجرد عصارة
مرة نحاول جاهدا أن نلفظها أونهوي بها في مكان سحيق॥ولكن هيهات والمزعجات ليست سوى ذلك الفلك الذي ندور فيه شئتا أم أبينا॥هناك في الشارع وزحمة الطرقات،هناك حيث تمتد بنا الجلسات॥هناك في شتى الملتقيات ودبيب
الهمهمات،هناك حيث تتزاحم خطى البشر॥تزعجني ومضات من لحظات،ومقاطع من
كلمات أحسبها لن تخلف على صغرها سوى أعسر الأزمات..أليست الجبال من الحصى؟!..
لن أواصل هذا التكلف الذي يروق لي وسأتحدث معكم بكل
بساطة سابدا من النهاية حيث تكون الأزمة..إنها أزمة فقد الثقة بأعز مخلوق لديك
وهو"نفسك"فيا من تعز عليك نفسك ويامن تهون عليك-أنتما معا-هلا اصغيتم
إلى كلماتي التي لن يزيدكم عتابها سوى إشفاقا وحبا؟..بالله عليكم إياكم وإهانة
أنفسكم الثمينة..ولاأعني بالإهانة هنا ذلك الذي أهان نفسه وأسرف في لجج المعاصي
ومتن الرذيلة وابتعد عن كل سمو وفضيلة فلن ينشأ سوى مجرما،منافقا،جاهلا وشريرا
واضف ماراق لك॥فمن كان هذا شانه يحتسب في عداد الذين ماتت أنفسهم في وحل
الإهانه الضحلة وماءها الآسن..ولكني أعني شانا آخر من الإهانه التي ترهق النفس
وتؤلمها لجهل منا أوعدم فهم لمدى حاجة النفس الإنسانية الى التقدير وعلو الشأن،والصور
في وصفها لاتعد ولاأظنكم بحاجة الى التفصيل في خطأ بمثل هذه الجسامه..فمثلا ذلك
التلميذ الذي آيس من تفوقه أو فهمه لمادة من المواد فلايفتأ أن يردد"أناحمار
لاأفهم،كم أنا غبي"يغذي بها نفسه مالااح فجر ومضى نهار..أو ذلك الشاب الذي
يردد"إن وجهي وجه نحس والحظ ليس من نصيبي"..أو تلك التي لاتعرف من
الهموم شيئا سوى أن تحدق عيناها وتفغر فاها كلما أبصرت فتاة شقراء..هيفاء..او
تفوقها جمالا لتكون نهاية التبصبص عبارة سوداء تقول"لو ان عندي ربع
جمالها!"..وتلك الأخرى التي لن تترك شاردة أو واردة من وصف امراة حسب ماترى
"جميلة"رأيتي عينيها!بهاء بشرها!دقة شفتيها!شعرها المنسدل كصفحة
الحرير!الخ..والمؤلم أنك كثيرا ماتكتشف بان هذه"الخلابة"ليست بذات جمال
وذات خلال..بل يكاد يضيق فيها الوصف أمام ذلك الحجم الكبير!..وتلك التي زارت منزل
صاحبة لها لتعود خافضة الجناح كسيرة النفس محبطة"ليت عندي ماعندها"،أو
ذلك الذي ينظر الى حظ غيره فيراقب الناس ليموت هما!،ولاانسى أني سمعت مرة أن
إحداهن لاتنام الليل من "القهر والغيظ"هل لهذه النفس من معزي وقد احترق
عودها وخبا ضوءها يوم ان عصفت به نار الغيرة المفرطة؟!..
وحسبكم تفاصيل والتفاصيل ازمات تطول..لأقول لتلك التي
لاتنام الليل من الغيظ ماذا تنتظرين من هذه النفس البائسة أن تجود عليك من راحة
بال ولذيذ عيش وقد ألجمتها بمطارق من الإهانة والتحقير؟..
ويحدوني سؤال واحد لأمثال هؤلاء وكلي يقين بإجابته،ماذا
استفدتم بعد كل هذا الجلد الذاتي والتقريع النفسي؟!الإجابة تقول بأن أحب الناس
اليك"نفسك"لم تعد عزيزة عليك،وخذ من ذلك حجم السخط والعتب وعدم الرضا
على نصيبك الذي كتب لك في هذه الدنيا وليتك تدرك بأنها دنيا لاتدوم لأحد
أبدا..النظر الى ماعند الناس من النعيم والجمال والهناء وحسن الخلال والبعد كل
البعد عن كنوز تملأ أعماقك وتزخر بها دنياك قد صرفت النظر عنها..تدعوك الى أن تبحث
عنها وتفتشها وقد أشغلت نفسك بنعيم الناس ولو أنك أمعنت في نفسك النظر لعرفتها حق
المعرفة وعرفت جمالها وكنهها وماتزخر به من محاسن وخلال تسعدك العمر كله..وقد كتب
على من عرف نفسه معرفة ربه ومعرفة اللذة التي لاتعدلهالذة..
وخير سبيل لإكرام أنفسنا أن نقتفي الطريق الذي أرشدنا
اليه قائد الأمة ومعلم البشرية،حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال:
"إن الله لاينظر الى صوركم وأموالكم،إنه ينظر الى
قلوبكم وأعمالكم"،وعلمنا أن لاننظر الى من هم أعلى منا في اي شأن من شؤون
الدنيا بل ننظر الى من هم أعلى منا في الدين..الخلق..جمال الروح..عظمة النفس..الى
كل ما يوصلنا الى الملك العظيم الذي بيده امر الدنيا وعبيدها وهنيئا لمن أرخى
لسيده حبل الود والوصال..وكما علمنا ذلك علمنا أن ننظر الى من هم أقل منا شأنا في
الدنيا..أليس مقياسا علويا لاترقى اليه سوى القلوب العظيمة،والنفوس الكريمة..فيا
من تهون عليك نفسك اعلم بأنه لامكان في هذه الدنيا لمن يجهل طريق الإحسان الى
نفسه،انه طريق الجبل الشامخ..فاذا تاقت نفسك يوما لصعود قمته فاصعده بنفس كريمة
عزيزة قديسة تسمو بين جنبيك والا فارضى بالسفح ولاتفكر في القمة.
انتم جميعا يامن كتب عليكم أن تتحدثوا مع أنفسكم أكثر من
الحديث مع الغير،أحسنوا الحديث اليها وأجملوا..واختاروا لها دائما أروع الكلمات..
"أنست نفسي بنفسي..فهي في الوحدة أنسي..وإذا آنست
غيري..فأحق الناس نفسي".


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق