هانحن اليوم نضرب عن العمل..وكم ضربت من قبل آمالنا وطموحاتنا بسياط الخيبة المريرة...
لم نشأ أن نضرب ونلقي بفلذات أكبادنا في براثن الفراغ دون علم نافع مثمر..ولكنه الحل الأخير والخيط الذي تشبثنا به وتعلقنا بأطرافه عله ينزع من السماء بعضا من أمنياتنا المرجوة وحقوقنا الضائعة.
من أجل التعليم اضربنا..من أجل الرقي به والنهوض بشأنه عاليا،شعار رفعناه وقوبل بالرفض والسخرية وليس أمرا غريبا إذا كان المعلم يرتع في بيئة قميئة يتقاذفه الجميع من كل صوب بلا رحمة ..يتحدثون عن شان المعلم عندما تستهوي ألسنتهم طرق أبواب الفضيلة ولا يعلمون بأنهم بتصرفهم هذا يقدمون لنا خالص العزاء والمواساة..ترى أي صبر ذلك الذي يفرغونه في قلوبنا؟!!أي زيف؟!!..يتحدثون عن منشيء النفوس والعقول وما دروا أن أنها نفسا مهانة تلك التي خلقت هذه العقول..وطرحت في بذلها وعطائها صنوف الذل والمهان..يتحدثون عن المعلم القدوة وأنفسهم تستصغر كل معلم رسول..ولكنها مجرد شعارات يطلقونها في وقت المصالح اذا ما استنفذت ذخيرتهم واذا ما امتلأت أطلقوا برشاشاتهم رصاص الغدر والإستخفاف والتحقير ووحدك أيها المعلم شق صدرك واستقبل ماشئت من الأذى...
بعد كل هذا أي صيت ونظرة صنعتها يامجتمع لهذا المعلم البائس؟ بحجم هذا الإجحاف والغدر!!..وماذا المرمى الذي رميتنا به ايها الزمان أم انك حذفنا في مكان قصي..وقبعتنا في زاوية ضيقة لازالت تضيق وتبتلعناا في صمت..اي هيبة ومجد ؟؟أي صيت؟
الأجيال التي صنعها المعلم على مر الزمان وأنشأها خرجت اليوم تتطاول عليه وتكيد له بأيادي الغدر ونكران الجميل...
ستأتيك الإجابة حاضرة على لسان أي قريب لك من هذه الأجيال الشابة إذا ماسألت أيود أحدهم أن يكون معلما؟!!
بالطبع ستكون الإجابة بالنفي...بل أن الغريب في الأمر أن إجابته لك لا لاتتعدى ضحكة مفتعلة ساخرة أنا أأكون معلما؟!!
لنبتلع الصمت ونتغصص بريقه أسفا وحزنا على رتبة الشرف التي نتصدرها في نفوسهم؟؟..
ولايلام أبناؤنا إذا كان موقعنا من الوطن وضيعا على هامش السطور..
يلومونا عن الإضراب والدول من حولنا تتقدم في مسيرتها التعليمية ونحن في مكاننا نسير
يلومونا على الإضراب ومكانة المعلم لاتزال تصغر وتضيق على هامش الوطن...
إن المعلم أمسى ذلك العامل الكادح الذي يشقى في نعيم يحسد عليه!!،وأي نعيم؟!!
وكم يود أن يتميز ويتفرد مع طلابه بمرونة وانسيابية وعطاء لامتناهي دون قيود تكبله وتختنق أنفاسه..
فأمامه سلسة من الأعمال لاتنتهي وتتضارب مع أوقاته واهتماماته..فهو تارة مسؤول عن ضجيج يلوح في ذلك الفصل الدراسي يسارع في تهدئته ،عدد مهول من الطلاب بمختلف مستوياتهم يصب كل جهده واهتمامه في متابعتهم فردا فردا كل فرد فيهم هو منظومة مستقلة تحتاج باعا طويلا من المتابعة والملاحظة..
المعلم تارة ذلك الذي ضحى ببعض الوقت التي كاد أن يتنفس فيه لينوب عن صف لامعلم له ليقوده بشق الأنفس..
المعلم أيضا ذلك الذي يجوب الأجنحةوالمرافق والطرقات يراقب التلاميذ مشمرا عن سواعد مفتول العضلات يدخل هذا ويخرج ذاك..مستنزفا طاقته بصوت مبحوح متهالك القوى..
المعلم هو ذلك الذي يشرف على أنشطة وخدمة تطوعية تقلص من رصيد وقته الضيق وفسحته من الراحة..
يمتص في حلمه وصبره شغب الأطفال وحركتهم الزائدة ويسيطر عليها باذلا في سبيل ذلك كل وسائل الأناة والحكمة..
وفي آخر المطاف ينتهي اليوم الدراسي ليقضي هذا المعلم المتهالك بعضا من قوته في تنظيم الحافلات وادخال التلاميذ تحت أشعة الشمس الحارة..
لاينأى المعلم بعد كل هذا أن يكون مبدعا وكم تتوالى عليه الأفكار لتقديم مادة علمية تبهج التلاميذ وتجدد من رغبة التعلم في نفوسهم ولكن هيهات والبيئة التعليمية تفتقر لأغلب مميزات الإبداع من وسائل وطرائق متنوعة..
يلومونناعلى الإضراب وكم تتوق نفسي لتلك اللحظة التي سأقبل فيها على عملي بشغف وحب كبير..تلك اللحظة الصادقةا لتي سأفتخر فيها بكوني معلمة أصرخ بملأ فمي مرددة أنشودة:
قم للمعلم وفه التبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا...
في الأخير،الإضراب ليس حيلة العاجز كما يقال بل حيلة الذي استنفذت منه كل الحيل..
ثمة أمل لتحقيق المساعي التي في تجاهد النفوس للوصول إليها .. بداخلي يقين تام على ذلك ..
ردحذفبوركت حروفك في وصف حال من أعطى وﻻزال يعطي رغم جهل من حوله من مجتمع ومسؤوليين ..
ردحذفستستمر عجلة العطاء والبذل في دورانها ولن نيأس..
ردحذفخالص شكري لكم..