بطاقة دعوة
قصة قصيرة
أطلقت ساقيها للريح جريا قبل أن يدق ناقوس الفرح معلنا عن يوم زفافها الأسطوري، جمعت البطاقات المزخرفة على عجل، تكتب بخط منمق أسماء أولئك المدعوين؛ راودتها ابتسامة عميقة و هي تهم بكتابة اسم مميز على ظهر البطاقة، لطالما كان قريبا لروحها، و يعني لها الكثير؛ إنها "بشرى" صديقة العمر... تعبث في مخيلتها بسحرها و جمال روحها المتنامي، خبأت بطاقتها خصيصا لكي تسلمها لها بنفسها؛ فهي دون المدعوات أنثى مختلفة، صديقة ليست كالصديقات! ثمينة كالمسك مازالت تفوح منها رائحة ذلك الزمن الجميل...
بملامح فاتنة كانت قد أطلت تلك الليلة الحسناء؛ تسكرها نشوة الفرح، تفيض كؤوسها بالسعادة، إنها حتما لا تتذكر كم أيد صافحت من أفواج المهنئين، و كم عبرت أمام سحنات وجهها ـ الممتلئ بمساحيق التجميل ـ وجوه شتى، لكن وجهها وحده من كان مفقودا، عقدت ملامحها الدهشة و انقبض قلبها مكسورا فأمر غياب صديقتها "بشرى" بات محيرا!، لملمت شتات فكرها فيها لأجل غير مسمى؛ فالفرح لايزال قائما، إنها عروس الحفل ترنو إليها الأبصار شاخصة في إعجاب شديد حيث أطلت تخطو خطواتها المرسومة بصوت الكعب العالي...
مضى من العمر الجديد على العروس "منى" شهر لايزال يقطر بألوان السعادة شهدا، كان رأسها قد هدأ أخيرا و استراح من هم تلك التحضيرات المرهقة التي تسبق الزفاف و تؤرق مضجع كل مقبلة عليه، و أثناء زيارتها لبيت أهلها اتكأت منى على فراشها الوثير؛ تتأمل زوايا غرفتها التي أوجعها الغياب!، في صالة المنزل وثبت بتثاقل تفتش عن كتاب مسل من رفوف المكتبة؛ تملأ به بعض الفراغ الذي أحاط بها، و قبل أن تتناوش الكتاب سقطت بطاقة دعوة منسية هناك، كانت قد دُفنت في بطنه منذ شهر!؛ انتفضت كالملدوغة و هي تقرأ الاسم الذي كانت تحمله تلك البطاقة! تبا لك أيها النسيان ما أبشعك!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتبة: زكية الشبيبي / سلطنة عمان
Umlamar83@gmail.com
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف